الاقتصاد الإسلامي: مقالات
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وخاتم النبيين وبعد: قبل إيراد تعريف مختار للاقتصاد الإسلامي، لابد من المرور بتعريف علم الاقتصاد أولاً، والملاحظ هنا أن تعريفات علم الاقتصاد قد تكاثرت حتى بات من الصعب على أي باحث حصرها، ومع ذلك نقول: الاقتصاد لغة: من القصد وهو الاعتدال في السلوك كله، قال تعالى: "واقصد في مشيك وأغضض من صوتك ..." (لقمان، 19)، وجاء في الأثر: "ما عال من اقتصد"، أي ما افتقر من اعتدل في إنفاقه. وقد انصرفت دلالته الاصطلاحية إلى تدبير معاش الأسرة بالموارد المتاحة، وهو ما عرف بالاقتصاد المنزلي. ثم انصرفت دلالته تاليا إلى تدبير شؤون المجتمع…
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وخاتم النبيين وبعد: فمن استعراض الأحكام المختلفة الضابطة للنشاط الاقتصادي (الاستهلاك، الإنتاج، التوزيع، التبادل) والتي تضمنها المذهب الاقتصادي في الإسلام، يمكننا استخلاص السمات التالية التي تميز اقتصاداً يحكمه هذا المذهب، أي الاقتصاد الإسلامي: (1) إنه اقتصاد يميز بين الغايات والوسائل بوضوح تام، فالإنتاج والفعالية الاقتصادية إجمالاً موجهة للاستهلاك، لكن الاستهلاك – وهو مآل النشاط الاقتصادي - ليس أكثر من وسيلة لإدامة الوجود الإنساني الفاعل، أما غايات هذا الوجود فهي أكبر من مجرد الاستهلاك أو مجرد النمو الاقتصادي. إن غايات الوجود الإنساني تحددها الأُسس الاعتقادية التي يؤمن بها الإنسان المكَّرم: "ولقد كرمنا بني آدم..."، الإنسان…
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وخاتم النبيين وبعد: يقصد بالتوزيع الوظيفي عملية قسمة قيمة الناتج المتحقق بين المساهمين في العملية الإنتاجية كل بحسب إسهامه (وظيفته)، ويميز اقتصاد السوق بين أربع حصص توزيعية هي: أجور العمال وريوع الأراضي وفوائد رأس المال وهذه المكافآت الثلاث تتحدد عقدياً، أما المكافأة الأخيرة فهي الربح، وهي فائض مائدة التوزيع بعد دفع المكافآت العقدية. ويقصد بإعادة التوزيع عملية سحب جزء من الدخول الموزعة وظيفياً وإعادة دفعها إلى مستحقين آخرين حسب اعتبارات غير وظيفية. أما التوزيع الابتدائي فيبحث في نشأة حق التملك والاختصاص بالموارد والأسس التي تحكم ذلك. وفي هذا المجال نجد للإسلام عدة أحكام ضابطة في مرحلة التوزيع الوظيفي…
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وخاتم النبيين وبعد: إن الاكتفاء الذاتي حالة فرضية لا وجود لها في دنيا الواقع، ومبدأ تقسيم العمل ضرورة، بل هو سنة خلقية "ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً" (الزخرف، 32)؛ فالأفراد تختلف منتجاتهم باختلاف طاقاتهم وملكاتهم وهم مع ذلك يشتركون في استهلاك الطيبات التي ينتجها الجميع، وإذاً فالمبادلة ضرورة اجتماعية ملحة، وقد مثلّت المقايضة أول صور التبادل ثم بعد ذلك تحول الاجتماع الإنساني إلى استخدام النقود بهدف تيسير التبادل الذي تنوع وتوسع كثيراً. والتبادل تعبير مرادف للتبايع الذي أكد الإسلام مشروعيته، باعتباره الإطار العقدي المرضي للتبادل قال تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" (البقرة، 275)، والبيع…
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وخاتم النبيين وبعد: إن الطيبات التي تشبع الحاجات الإنسانية ليست متاحة في الطبيعة غالباً، إنما تستلزم تدخل الإنسان للتأثير في الطبيعة ومعطياتها بهدف إعدادها، ونشاط الإنسان الواعي والهادف إلى استيلاد الطيبات والحصول على وسائل الإشباع من الموارد المتاحة هو ما نسميه بالإنتاج Production. وفي مجال الإنتاج يمكننا أن نواجه طوائف من الأحكام الشرعية التي توجه هذا النشاط بما يؤمن تحقيق الكفاءة الاقتصادية: الإنتاجية والتخصيصية، وفيما يلي استعراض لأبرز تلك الأحكام: أولاً: وجوب تعبئة الموارد للنشاط الاقتصادي يحث الإسلام على تثوير الموارد البشرية وتجهيزها للفعالية الاقتصادية، فالإسلام يمجّد العمل وينهى عن التعطل وفي ذلك يقول…